الاثنين، 23 أغسطس 2010

إدارة التغيير أو تغيير الإدارة

إن إدارة وقيادة التغيير تعتبر حجر الزاوية في عملية التطوير الإداري بأوجهه المختلفة . وهي تعني قيادة الجهد المخطط والمنظم طمعاً في تحقيق أهداف التغيير من خلال التوظيف الصحيح عملياً للموارد البشرية والإمكانيات المادية والوسائل الفنية والتقنية المتوفرة في بيئة العمل .

وقد أوضحت الاتجاهات العالمية في التسعينات أهمية القيادة الإدارية للتغيير بأنها التوجه السائد لتطوير وتغيير أسلوب ومفاهيم العمل الإداري التقليدي في جميع المؤسسات العامة والخاصة حتى تواكب مجتمع القرن الحادي والعشرين، والاستجابة بطريقة أفضل لمتطلبات العصر وتحديات العولمة واستثمار التقنيات الحديثة لتوفير الوقت والجهد في مختلف الأعمال . وهذا يعني أن إدارة التغيير هي في الأساس عملية قيادة بالدرجة الأولى، وهي قوة تُؤثر في الموظفين وتحضهم على أن ينجزوا أهداف المؤسسة وأولوياتها، وبذل قصارى الجهود المستمرة لتطويرها .

ومن البديهي أن العمليات الإدارية لوحدها لا تُغيّر أو تُطوّر، ولكن الموظفين الذين يتدربون ويتعلمون هم الذين يستطيعون أن يغيّروا ويطوّروا . إذن فمن المهم أن تركز قيادة وإدارة التغيير على الإنسان طالما هو الأساس والطاقة للتطوير والإبداع والتقدم . وتعتبر قيادة التغيير عملية إدارية تعاونية آخذة في اعتبارها أن المساحة الحاضرة هي وقت المعلومات المتغير والتقنيات الاتصالية الحديثة التي تُوجب هندسة العلاقات الإنسانية كما تُوجب هندسة العمليات . وهذا يُلقى بتحدٍ أساس يتمثل في تطوير القيادة الإدارية التي تأخذ في اعتبارها استعداد القيادة في أن تتعلم وتتطور وتراجع خططها لتتوافق مع الاتجاهات والسياسات الجديدة والتقنيات الحديثة .

وللتحول والتغيير من الإدارة التقليدية القديمة المستبدة إلى الإدارة الحديثة يتطلب تفويض الصلاحية المطلقة للمدير القيادي بأن يمارس واجباته حسب خطط وأهداف المنظمة التي يرأسها بالتعاون مع أعضاء فرق العمل على أسس علمية ومهنية وإنسانية . وينبغي أن تُفعل هذه الأسس بأساليب ديمقراطية من شأنها أن تُعلى مبادئ الشورى ومشاركة كل الأطراف ذات العلاقة بالعمل الإداري .

ويبقى الهدف الرئيسي لكل قائد إداري ناجح في الوقت الحاضر - وقت التغيير المتسارع في مختلف مجالات الحياة - هو معرفة المهارات والمعارف والاستراتيجيات الضرورية لإحداث التغيير الإيجابي وتطبيقاته في العمل الإداري .

وتركز إدارة وقيادة التغيير على اتخاذ قرارات جماعية وتعتمد على نوع مختلف من الطاقة أو القوة لا تأتي من السلطات العليا ولكنها تبرز من خلال العمل التعاوني مع الآخرين، وتساعدهم على إيجاد مغزى عميق وأكبر لعملهم وتستثمر طاقتهم الفردية أو الجماعية بأفضل الطرق لتحقيق جودة العمل والتغلب على المشاكل بسهولة . وقيادة التغيير تستند على القيم والقناعات الشخصية وخصال القائد أكثر من استنادها على تبادل العملية الإدارية بين القادة والمرؤوسين . ومن سمات قيادة التغيير أنها تطوِّر المرؤوسين وتمنحهم حرية أكبر للتحكم في سلوكهم الخاص بهم . وهي تجمع الموظفين حول رسالة محددة وتُعرِّف الحدود التي يعمل داخلها الموظفون في حرية نسبية لكي ينجزوا أهداف المنظمة . وهي تنمي الوعي لدى الموظفين بأهمية الأهداف ونتائجها المرجوة لإحداث التغيير، وبدورها، تمكنهم من أن يتجاوزوا مصالحهم الذاتية المباشرة من أجل رسالة ومصلحة المنظمة .

ويمكن أن يحدث التغيير عندما يكون لدى الموظفين إحساس بالهدف ورؤية مشتركة لطبيعة العمل وبدونها لن يكون هنالك تغيير . وطالما أن الدولة توفر الموارد المالية لجلب التقنيات الحديثة فيبقى توعية المسؤولين وتدريب الموظفين على استخدام التقنية في العمل الإداري والاعتماد عليها لتسهيل أمور المواطنين الذين يتكبدون عناء السفر للتعقيب على معاملة في دائرة حكومية معينة .

فإلى حد الآن الإتصال الهاتفي للتعقيب على المعاملات أمر غير وارد لدى بعض الموظفين . واستخدام التقنية كالبريد الإلكتروني لاستقبال استفسارات المواطنين أو لإرسال النشرات والتعاميم للجهات الحكومية الفرعية غير معروف أو غير معترف به لدى كثير من القطاعات الحكومية .

وباختصار إذا استعدت الإدارة للتطوير وتبنت سياسة التغيير الإيجابي في العمل الإداري وإلا ُتغيّر الإدارة، وهذا ما يدل عليه المثل الإنجليزي (غيّر الناس أو غيّر الناس)، والمقصود تغير وتطوير ممارساتهم الإدارية من خلال التدريب والتثقيف، وإذا ما استجابوا لذلك فيستبدلون بطاقات بشرية أخرى . والجدير بالذكر أن إمارة المنطقة الشرقية أدخلت شبكة نظام الحاسب الآلي في أعمالها منذ زمن طويل ويتم إدخال بيانات المعاملات في الحاسب مما يمكن المواطن المراجع لمعاملة معينة من متابعتها بالهاتف .

وهذا عمل يجب الإشادة به لأنه يوفر على المواطن الوقت والجهد ولا يضطر لترك عمله أو مصالحه الخاصة والذهاب للمراجعة شخصيا . وكذلك الإدارة العامة للتعليم تستخدم البريد الإلكتروني لإرسال التعاميم والنشرات للمدارس .

فاستخدام التقنية في إنجاز المعاملات يوفر الوقت والجهد على الموظف والمستفيد . وقد دأبت بعض الجامعات والكليات على إتاحة الفرصة للطلاب والطالبات بالتسجيل في مواقعها على الإنترنت ولكن لا بد أن تعمم هذه الطريقة على كل المؤسسات التعليمية لتوفير الوقت والجهد ونفقات السفر على الطلبة ولتفادى التزاحم والاختناقات عند الأبواب .

وفي الختام، يلتمس المجتمع من إدارة التغيير بالتعاون مع الحكومة الإلكترونية الاستغناء عن خدمات (الملف الأخضر العلاقي) الذي يلازم الناس عند مراجعة الدوائر الحكومية أو تطويره إلكترونياً .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق